• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ الدكتور فؤاد محمد موسىأ. د. فؤاد محمد موسى شعار موقع الأستاذ الدكتور فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / موقع أ. د. فؤاد محمد موسى / مقالات


علامة باركود

"حب بحب" حب الأمة لحاكمها المسلم "مسؤوليات الأمة تجاه الحاكم"

أ. د. فؤاد محمد موسى


تاريخ الإضافة: 22/2/2017 ميلادي - 25/5/1438 هجري

الزيارات: 24770

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

"حب بحب"

حب الأمة لحاكمها المسلم

"مسؤوليات الأمة تجاه الحاكم"


إن النسيج الاجتماعي للأمة الإسلامية يجبُ أن يسودَه الحبُّ والوئام بين كل عناصر الأمة مجتمعة، الحب النابع من حب الله تعالى "الحب كله"، فكل العَلاقات الاجتماعية في هذا المجتمع يحكمها شرع الله تعالى، الذي هو في مصلحة كل أفراد وعناصر الأمة، فاتِّباع الهوى لكل فرد سيكون فيه ظلم للآخرين، إن حب الله تعالى فيه حب ورحمة لكل فرد وكل عناصر المجتمع.

 

ما أحلى أن يسودَ نسيجَ المجتمع هذا الحبُّ النابع من حب الله تعالى، هذا الحب سيجنِّبنا ما نرى من تقطُّع أواصر المجتمعات والحروب التي تدور على أرض الإسلام بعيدًا عن هذا الحب؛ نرى الأخ يقتل أخاه المسلم، ونرى التناحر والتشرذم تحت شعارات القبلية والشعوبية والمذهبية، يا لها مِن فاجعة أن نرى هجرة المسلمين من ديارهم إلى بلاد الكفر؛ بحثًا عن الأمن والأمان، يا لها من مفارقات!

 

إن غياب هذا الفهم الصحيح للحب الكليِّ عند التربويِّين في تربية أبناء الأمة، وخلو المناهج التعليمية من هذا المفهوم - كان سببًا جوهريًّا في سريان تدمير الأمة، بيدِ أبنائها، وبتخطيطٍ من أعدائها.

 

إن مِن أهم عَلاقات الحب في المجتمع الحبَّ بين الحاكم وأبناء الأمة، هذا الحب النابع من حب الله تعالى، فكما أن على الحاكم مسؤوليات تجاه الأمة، فإن على الأمة مسؤوليات تجاه الحاكم، فهي مسؤوليات متبادلة، وحب متبادل "حب بحب"، فحب الحاكم لأمَّتِه سينبع منه حبهم له.

 

وفي هذه المقالة سوف نتناول الجانب الثاني من هذه العَلاقة، وهي مسؤوليات الأمة تجاه الحاكم، وتتمثل في التالي:

أولًا: الطاعة الرشيدة:

إن الحاكم العادل الذي يُنفِّذ أحكام الشريعة، ويلتزم بها في أعماله وتصرُّفاته، ويحافظ على أمانته وعهده مع الله تعالى، ومع أمته، والذي يلتزم بمسؤولياته تجاه الأمة - كما وضحنا من قبل - يكون قد أدى حق الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم الطاعة ما لم يغير حاله، والخروج على مثل هذا الإمام يعتبر "بغيًا"؛ لأن الباغي يريد أن يُفرِّق الجماعة ويشق عصا الوحدة، فهو خطرٌ على المجتمع والدولة.

 

إذًا فطاعة الإمام العادل الذي توافرَتْ فيه الشروط السابقة واجبةٌ، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، والجمع في الآية بين الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم وأُولي الأمر، معناه بيان طبيعة هذه الطاعة وحدودها، فالطاعة لوليِّ الأمر مستمَدَّة من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن وليَّ الأمر في الإسلام لا يُطاع لذاته؛ وإنما يُطاع لإذعانه هو لسلطانِ الله تعالى، واعترافه له بالحاكميَّة، ثم لقيامه على شريعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومِن اعترافه بحاكمية الله وحدَه، ثم تنفيذه لهذه الشريعة، فإذا انحرف عن هذه أو تلك، سقطت طاعته ولم يجب لأمره النفاذ.

 

كما يحثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على طاعةِ أولي الأمر، بقوله: ((اسمعوا وأطيعوا، وإن أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبشي، ما أقام فيكم كتاب الله))؛ [مسند أحمد]، فعلى المرء المسلم السمعُ والطاعة فيما أحَبَّ وكرِه، إلا أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة، فطاعة الحاكم مشروطةٌ بالسير على المنهج وإقامة العدل.

 

ثانيًا: نصرة الحاكم:

نصرة الحاكم تكون بحبِّ اجتماع الأمة عليه، وكراهية افتراق الأمة عليه، والبغض لمَن رأى الخروج عليه، وحب إعزازه في طاعة الله عز وجل، ومعاونته على الحق، ومجانبة الوثوب عليه، والدعاء له بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك؛ فهي نصرة في الله تعالى، وحب له.

 

ولا تتوقَّف نصرة الحاكم على أعمال القلب، بحبِّ وكره مَن يخرج عليه، بل تتعدَّى ذلك بأعمال اللسان بالدعاء له، وشجب آراء المغرِضين والخارجين عن طاعته، ثم تتعدَّى ذلك أيضًا إلى استخدام القوة في وَأْد بغي البغاة، ومحاربتهم بكل وسائل القتال المتاحة؛ لأن الباغي يريد أن يُفرِّق شمل الجماعة، ويشق عصا الوحدة، فهو خطرٌ على المجتمع والدولة؛ ولذا تجب مقاومتُه إلى أن يزول خطره، وهذا هو الذي يَعْنِيه الحديث الذي قال فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أتاكم وأمرُكم جميعٌ، يريد أن يُفرِّق جماعتكم، فاضرِبوه بالسيف - أو فاقتلوه))؛ [البخاري]، وهذا إذا أشهَر السيف في وجه الجماعة، ولم يكن هناك سبيل لدفعه إلا بذلك.

 

ثالثًا: النصيحة للحاكم:

النصيحة كلمةٌ يُعبَّر بها عن: إرادة الخير للمنصوح له، وأصل النصح في اللغة: الخلوص؛ يقال: نصحت العسل: إذا خلصته من الشمع.

 

والنصيحة للأئمَّة والولاة واجبةٌ على المسلمين، فقد أمَرَت بها الآيات والأحاديث، وهى داخلة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن الأحاديث قولُه صلى الله عليه وسلم - وهو من جوامع الكلم - :((الدين النصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم))؛ [مسلم]، وقوله أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يُغِلُّ عليهن قلبُ مسلم: إخلاصُ العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين))؛ [مجمع الزوائد].

 

يجب ألا يُترك للحاكم الحبلُ على غاربه، ويُرضَى بأعماله كيفما كانت، بل لا بد أن تظلَّ الأمة مهيمنة عليه، ولا بد أن يُدعَى إلى الخير، ويُصَد عن الظلم، ويُوعَظ وينهى عن المنكر بكل الطرق الممكنة، وقد تواردت الأخبار والآثار حاثةً على وجوب تذكير الأئمة والولاة، وإرشادهم وتنبيههم إلى وجوب اتباع سبل الحق، ويجمع هذه المعانيَ قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر))؛ [مجمع الزوائد]، وقال أيضًا: ((سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، ورجلٌ قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه، فقتَله))؛ [مجمع الزوائد]، وصحائف التاريخ الإسلامي مليئةٌ بأخبار مواعظ الصالحين والعلماء للولاة والخلفاء، وإن عرَّضوا أنفسهم للخطر، وكان القتل يبدو كأنه ثمن ما يفوهون به من أقوال.

 

فمما أورده الإمام الغزاليُّ في كتابه "إحياء علوم الدين": رُوي أن هشام بن عبدالملك قدم حاجًّا إلى مكة، فلما دخلها قال: ائتوني برجل من الصحابة، فقيل: يا أمير المؤمنين، قد تفانوا! فقال: مِن التابعين، فأُتي بطاوس اليماني، فلمَّا دخل عليه خلع نعلَيْه بماشية بساطه، وقال: السلام عليك يا هشام، ولم يكنِه، وجلس بإزائه، وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب هشام غضبًا شديدًا، حتى همَّ بقتله، فقيل له: أنت في حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن ذلك، فقال له: يا طاوس، ما حملك على ما صنعتَ؟ فأجاب: وما الذي صنعتُ؟ فازداد هشام غضبًا وغيظًا، ثم دار بينهما حديث، فكان مما قاله له طاوس - ردًّا على اعتراضه على أنه لم يقل له: يا أمير المؤمنين، أثناء إلقاء السلام عليه -: فليس كل الناس راضين بإمرتك؛ فكرِهتُ أن أكذب.

 

رابعًا: محاسبة الحاكم:

فالحاكم مسؤول أمام الأمة؛ لأنه تولَّى ولايته منها، بالعقد الذي عقدتْه له، فهي التي منحَتْه حق الحكم، وأمدَّته بالسلطة، وما هو إلا وكيلٌ عنها، فلها الحق أن تسأله عن عمله؛ فالجهة التي لها حقُّ إنشاء العقد، لها حق فسخه، إذا وجدت الأسباب لذلك، ثم إن الأمة رقيبة عليه باستمرار؛ بما هي ملزمة به من وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبما هو واجب لها من حقِّ الشورى، وما هي مأمورة به من بذل النصح، فضلًا عمَّا لها من الحق بوصفها الطرف الأول في العقد، فإذا حاد عن الطريق السويِّ، ولم يرعَ الأمانة، وإذا جار وظلم، أو بدَّل السيرة، أو عطل الحدود، أو خالف الشرع، من أي وجه من الوجوه، وكذلك إذا فقد شرطًا مِن الشروط التي لا بد أن تتوفَّر في ولايته - فإن الأمة قوَّامة عليه، ولها حقُّ تقويمه، أو حق عزله.

 

وقد تمثَّلت العَلاقة هذه في قول الأعرابي لعمر: "والله لو وجدنا فيك اعوجاجًا، لقوَّمناك بسيوفنا"، فردَّ عليه الفاروق بقوله: "الحمد لله الذي جعل في أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم مَن يُقوِّم اعوجاج عمرَ بسيفه".

 

وهكذا نرى الكثير مِن مواقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكثير من أقوال كبار الأئمة المجتهدين في الإسلام، وكلها تثبت إثباتًا جازمًا أن الإمام - الذي هو رأس الدولة - مسؤولٌ أمام الأمة، وأنه خاضع للقانون، كما تقرِّر بكل جلاء أن الأمة قوامة عليه، ولها حق تقويمه أو عزله حين توجد الأسباب لذلك؛ فالأمة لها السلطة العليا، وهي إذًا صاحبة "السيادة" بالنسبة إليه، وهذا ما تصبو إلى تحقيقه الآن بعضُ الدول المتقدمة بعدما جرَّبت النظم الوضعية المختلفة!

 

لذلك يجب علينا كأولياء أمور أو مسؤولين أن نقوم بالتالي في مدارسنا:

1- تعريف التلاميذ بما يجبُ على الحاكم القيام به؛ حتى يصبح حاكمًا عادلًا، وواجباته نحو الأمة جميعًا، وفي المقابل تعريفهم واجبات المحكومين تجاه الحاكم، وأثر ذلك على وحدة الأمة وتماسكها، وتحقيقها للسيادة على باقي الأمم.

 

2- دراسة نماذج للحكم تحقَّق فيها عدلُ الحاكم، والتزام المحكومين بواجباتهم نحو الحاكم، وخير أمثلة لذلك تتجلَّى في رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين مِن بعده.

 

3- تعريف التلاميذ بمفهوم الشورى، وكيفية تطبيقه، وأمثلة عليه عبر التاريخ، وبيان كيفية تحقيقه، وأهمية تطبيقه بالنسبة للأمة وللأفراد.

 

4- تدريب التلاميذ على ممارسة الشورى في حياتهم المدرسية عمليًّا، خلال الأنشطة الطلابية المختلفة، سواء داخل جماعات النشاط، أو أثناء القيام بالرحلات وإقامة المعسكرات والمخيمات، وحتى أيضًا أثناء التدريس؛ مثل التدريس التعاوني.

 

5- تعويد التلاميذ على حرية إبداء الرأي، والجرأة في الحق، مع الالتزام بآداب التعبير عن الرأي.

على أن تُمارَسَ هذه الأمور بحبٍّ في حب لله تعالى مع الأبناء؛ ليسود هذا الحبُّ في أنحاء الديار عبادةً لله تعالى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب وأبحاث
  • عروض تقديمية
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة